إهمال أم فساد أم كليهما؟

لقرأة الكتاب أضغط علي الغلاف

منذ سنوات وحوادث قطارات السكك الحديدية تتكرر في مصر وينتج عنها العديد من الإصابات البشرية بين قتلى ومصابين ، فضلاً عن الحرائق والخسائر المادية، بما أصبح يشكل ظاهرة مصرية تكاد تصبح “عادية”، دون مواجهة حاسمة تجتث الأسباب الكامنة لتلك الظاهرة والتي تعزى عادة إلى الإهمال مرات وإلى الفساد مرات أخري وأخيراً انضم “الإرهاب” كسبب من أسباب تلك الحوادث ، وفي جميع الأحوال ينتهي الأمر إلى النسيان حتى تحدث كارثة جديدة، ومن ثم يعود الحديث إلى ذات التغطية الإعلامية المعتادة أن مثل تلك الحوادث تحدث في كل دول العالم وتصريحات المسئولين عن خطط تطوير السكك الحديدية في مصر التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ!

وفي يوم الأربعاء الماضي 27 فبراير 2019 كانت الكارثة التي ذهب ضحيتها أكثر من عشرين قتلاً وعشرات المصابين نتيجة اصطدام جرار قطار برصيف رقم 6 في محطة مصر [رمسيس] ، وتكررت ذات القصة والتضارب حول احتمالات الفساد والإهمال مع جرعة قوية من التصريحات الرسمية حول استراتيجيات وخطط تطوير “منظومة” السكك الحديدية المعتادة!

ثم انتهى الأمر ببيان صادر عن مكتب النائب العام أكد “أن الحادث نجم عن اصطدام الجرار بالمصد الخرساني بنهاية الرصيف محدثًا أثارًا تصادمية نتج عنها تسييل وتناثر السولار من خزان الوقود أسفل الجرار، والذي يسع 6 آلاف لتر من السولار، واختلاط أبخرته بالهواء مكونًا مخلوطًا قابل للاشتعال؛ ما أدى إلى اندلاع النيران نتيجة وجود الشرر المعدني الناتج عن احتكاك الأجزاء المعدنية ببعضها عند الاصطدام بالمصد الخرساني بالسرعة القصوى التي كان يسير بها الجرار” كما أفاد بيان النائب العام “أن العينات المأخوذة  من المتهمين وجدت إيجابية لآثار مخدر “الاستروكس” المدرج بالجدول الأول لقانون المخدرات لدى عامل المناورة المرافق للجرار رقم 3202 المتسبب في الحادث”. وأضاف البيان، “أنه في وقت سابق، انتقل فريق من محققي النيابة العامة إلى محطة سكك حديد مصر لإجراء فحص شامل لمنظومة العمل داخل الهيئة للوقوف على أوجه القصور في كافة القطاعات لتحديد المسئولية عن وقوع الحادث، وجرى استدعاء 38 من مسؤولي الهيئة والمهندسين والمشرفين والعمال من كل قطاعات التشغيل والصيانة والأمن الصناعي ومسؤولي الكاميرات والإدارة المركزية للرقابة على التشغيل والحماية المدنية لاستجوابهم”.

وفي رأي ….

أن ذلك الحادث لن يكون الأخير طالما استمرت الأوضاع التنظيمية والإدارية والفنية لهيئة سكك حديد مصر على ما هي واستمر رفض المسئولين لأفكار إعادة هيكلتها وإسناد إدارتها إلى كيان “غير حكومي” وفق منطق الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص Public Private Partnership [PPP] والذي ينظمه القانون رقم 67 لسنة 2010 والذي تبحث وزارة المالية تعديله حيث “أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية أن الدولة تقوم حالياً بتطوير برنامج الشراكة مع القطاع الخاصPPP  في مشروعات البنية الأساسية والمرافق والخدمات العامة وذلك بهدف التوسع في مشروعات البنية الأساسية لتغطية الفجوة بين البنية المتاحة والمستهدفة والتوسع العمراني الجاري من مدن جديدة، بالإضافة إلي رفع أعباء التمويل عن الموازنة العامة للدولة وتقديم مستوى أعلى من الخدمة للمواطنين وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلي جانب التحول التدريجي لدور الدولة من مقدم الخدمة الوحيد إلى منظم ومراقب الخدمة المقدمة للمواطنين.”

وجاءت تصريحات وزير المالية خلال ورشة عمل نظمتها وزارة المالية للتعريف بنظام الشراكة مع القطاع الخاص PPP وعرض بعض التجارب الدولية في هذا الشأن بحضور الدكتور هشام عرفات [وزير النقل المستقيل بعد حادث قطار محطة مصر] والسير جيفري آدامز السفير البريطاني في مصر والسير جيفري دونالدسون المبعوث التجاري البريطاني والمهندس عاطر حنورة رئيس وحدة الشراكة مع القطاع الخاص بوزارة المالية.

والسؤال الآن، متى تنفذ تلك التصريحات وهل يتم تنفيذها قبل الحادث القادم؟؟؟